مقالة د. عايض القرني اليوم
صار برنامج «خواطر» التي تبثه قناة (mbc) للأستاذ أحمد الشقيري حديث الناس في المجالس والمنتديات، فقد نجح نجاحا باهرا واكتسح البرامج في المشاهدة بوصف رحلته إلى اليابان، ومن أحسن ما فعل كما بين ذلك بجريدة «الوطن» أنه ما ذكر موقفا إيجابيا لليابانيين إلا ورد أصله إلى سنة الرسول عليه الصلاة والسلام أي إن تلك الآداب والقيم هي عندنا أصلا، لكننا للأسف لم نفعلها، ولقد كان عرضه مثيرا ومقارنته بحال الشرق الذي نعيش فيه مدهشة.
إن الأستاذ أحمد قدم درسا عمليا ميدانيا ولم يبع علينا كلاما شفويا تلقينيا، وكنتُ أتابع أنا وأطفالي إشراقاته كل ليلة فأبهج لما أرى من إتقان اليابانيين وأحزن لواقع كثير من المسلمين وأعود إلى الشريعة فوالله ما من مسألة ذكرها وأُعجب بها إلا ولها أصل في الإسلام حتى في آداب دخول الخلاء وترتيب الأحذية والنظام والنظافة ورياضة المشي والتعليم وحب القراءة وخدمة الآخرين ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة واللطف مع الناس ومراعاة الذوق العام والبعد عن تجريح مشاعر الناس والمحافظة على البيئة والبعد عن القذر والأذى والاهتمام بالمظهر الخارجي،
إن الدروس العملية التي قدمها أخونا الرائع المبدع أحمد الشقيري في قناة (mbc) طُبعت في ذاكرة الأذكياء ووصلت الرسالة إلى الشرفاء الأوفياء وبدأنا نراجع ديننا ونستحي من أنفسنا ونخجل من مخالفاتنا.
والواجب علينا أن نكون خير أمة أخرجت للناس علما وعملا وأخلاقا وآدابا وسلوكا وذوقا، فهل آن أن نعي رسائل برنامج خواطر، فباسمي وباسم كل محب للحقيقة والإنصاف أشكر الأستاذ أحمد وأشد على يديه وأحيي طموحه وأرحب بنجاحه. ومزيدا من العطاء وإلى الأمام يا أحمد الفضل، وعسانا ننقل تجربة اليابانيين في مؤسسات ودور ومعاهد لنفعّل نصوص إسلامنا؛ لأن المعلومات الذهنية شيء والعمل الميداني شيء آخر. لقد لفت نظري الحديث عن ترتيب الأحذية عند اليابانيين في دخول الاجتماعات وتذكرتُ الأحاديث النبوية في الحذاء فقط إذا فيها من السعة والدقة ما يغني عن غيرها إلى درجة أننا أُمرنا أن نبدأ باليمين قبل اليسار في اللبس وعند خلعها بالعكس، وأن لا نمشي بحذاء واحد برجل ونترك الرجل الأخرى حافية، وأن نتأكد عند الدخول من بطون أحذيتنا أن لا يكون فيها أذى، وشاهدتُ حلقة القراءة والتعليم، وتذكرت أن أول آية نزلت على رسولنا صلى الله عليه وسلم: (اقرأ باسم ربك الذي خلق)، وأنه بالعلم ترتقي الشعوب لذلك قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: (وقل رب زدني علما)، وقال (اقرأ باسم ربك الأكرم الذي علم بالقلم)، وصفة الأكرم لله دليل على أنه أكرم عباده بالعلم والكتابة بالقلم، وأن من طلب العلم النافع أكرمه الله بالذكر الجميل والسيرة الحميدة والمجد الدنيوي والثواب الأخروي، وأن من ترك العلم والمعرفة سقط من سلم المجد وانتهى من سجل الحياة ودُفن في مقابر التاريخ وأُهمل من ذاكرة الحضارة، وفي البرنامج رسائل عظيمة منها: أن من جد وعمل وثابر وكافح فسوف ينال المجد الدنيوي بغض النظر عن دينه ومعتقده، ولكن إذا كان مؤمنا بالله فنور على نور، ينال ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة،
وأقترح على أخي الأستاذ أحمد الشقيري أن يجمع النصوص العملية في الحياة العامة من الكتاب والسنة ويخبرنا أين أصبنا وأين أخطأنا في برنامج إعلامي، وله الدعاء الخالص بالتوفيق والنجاح الدائم وجزاه الله عنا خيرا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق