الأحد، 17 يناير 2010

(هل أوباما ذلك النجار؟)


عيون وآذان (هل أوباما ذلك النجار؟)
مقالة جهاد الخازن

الرئيس ليندون جونسون قال يوماً: الرئيس مثل حمار في عاصفة بَرَد. لا شيء يستطيع عمله سوى أن يقف ويتحمَّل.


لعل الرئيس 44 يشعر اليوم بما شعر به الرئيس 36 يوماً، فباراك أوباما بعد سنة من دخول البيت الأبيض يجد نفسه وكأنه وسط مرمى رماية، واليمين الأميركي واليسار يطلقان النار عليه أكثر مما يستهدف أحدهما الآخر.

إذا كان من صفات السياسي الوقاحة، فيعد ولا يفي وينكر حتى وكلامه مسجل بالصوت والصورة، فإن اليمين الأميركي وقح حتى البذاءة، فالرئيس أوباما التزم برنامج جورج بوش للانسحاب من العراق، وزاد القوات في أفغانستان لمطاردة قيادة القاعدة، ولم يغلق معتقل غوانتانامو بعد لأنه تبين ان كثيرين من الذين أفرج عنهم عادوا لينضموا الى القاعدة في اليمن وغيرها. بل إن أوباما احتفظ بوزير دفاع جورج بوش، ويبدو أن روبرت غيتس سيبقى في منصبه هذه السنة.

إدارة جورج بوش أورثت إدارة أوباما حروباً فاشلة واقتصاداً منهاراً، وهو أكمل، كما بيّنت، ولم ينقض، فماذا كان موقف رموز اليمين منه؟ مجرم الحرب الأول ديك تشيني يقول إن أوباما لا ينظر الى الإرهاب بجدية وسياسته تحقيق تحول اجتماعي لإعادة بناء المجتمع الأميركي.
تشيني أمر بإطلاق 530 معتقلاً من غوانتانانو وعاد 14 في المئة منهم الى الإرهاب، أي 74 رجلاً، بحسب تقديرات وكالة استخبارات الدفاع، ثم يهاجم أوباما.


والسناتور جون ماكين الذي خسر معركة الانتخابات أمام أوباما زعم ان الرئيس «يقود حملة يسارية متطرفة لتفليس أميركا».


وهكذا تشيني يتهم أوباما بالاشتراكية وماكين يتهمه بالشيوعية، والاثنان يتجاوزان ان ادارة بوش - تشيني سلمت أوباما بلداً مفلساً وحروباً خاسرة.


في المقابل، الجناح الليبرالي في الديموقراطي بات يعتقد أن أوباما خذله وتخلى عن مبادئه بعد أن وصل الى البيت الأبيض، وهناك كثيرون على يسار الحزب ينظرون الى أوباما وكأنه «رئيس حرب» من نوع جورج بوش.



وهكذا فاليمين الأميركي على التلفزيون صباح مساء يتهم باراك أوباما بما ارتكبه هو بحق أميركا والعالم، خصوصاً العرب والمسلمين، واليسار الأميركي يرد متهماً أوباما بأنه انتقل الى صفوف اليمين وباع مبادئه.
لو كنت أحمل الجنسية الأميركية مثل أخويَّ وأختي وابني لربما كانت لي شكوى من أوباما هي انه لم ينفذ بعد ما وعد به في خطابه التاريخي في القاهرة قبل ستة أشهر، وتحديداً لم يحرز أي تقدم في تحسين علاقات الولايات المتحدة مع المسلمين، أو نحو حل النزاع العربي - الإسرائيلي رغم أنه أساس كل نزاع لاحق، وحلّه يعني كسر أقدام الإرهابيين من القاعدة وغيرها الذين يرفعون «القضية» كقميص عثمان.


وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) صاغت الكلمة Blowback وتعني نتائج غير متوقعة لسياسة ما، وأعتقد أنها نُحِتت بعد سنة من إطاحة محمد مصدق سنة 1953، فقد عاد الشاه، وحكم بشكل ديكتاتوري ربع قرن فخلفه نظام آيات الله المعادي لأميركا، وبقي الرهائن في السفارة الأميركية 444 يوماً.


أوباما يواجه اليوم ردود الفعل غير المتوقعة لسياسة أميركية أقل ما يقال فيها إنها استعمارية، فهي سعت الى امبراطورية جديدة وأدت الى موت مئات ألوف المسلمين من العراق الى أفغانستان وباكستان، ولا يزال القتل مستمراً ولا حل في الأفق، غير أن أوباما لم يصنع هذه السياسة، وإنما ورثها، ويبقى أن نرى إذا كان سيستطيع تنفيذ وعوده للأميركيين والعالم، وإذا كان أهلاً لثقة الناس الذين أوصلوه الى الرئاسة.


وهكذا أعود الى ليندون جونسون، فهو قال: أي حمار يستطيع أن يهدم حظيرة، ولكن بناءها يحتاج الى نجار ماهر. هل أوباما ذلك النجار؟ الجواب في ضمير المستقبل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق