الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

للقصة بقية ...



في ذلك المساء ...بدت ...السماء  سوداء  كأنها تكتم حزنا ...وتنذر بيوم غاضب |...مطر ينزل على استحياء ....رذاذ ...ينقر زجاج نافذتها ..ويتوقف برهة ثم يعود ...
وشرد فكرها بعيدا ...ليوم كان صحوا جميلا ...كل مافيه يرقص ...الازهار والفراشات والشمس ...
الشوارع تطير كسجادة علاء الدين وتهبط بنعومة ...
وقلبها الصغير ...نوتة بيتهوفن ....نبضاتها اوركسترا ...وانفها الصغير يلتهم كل الاكسجين ليملأ رئتيها لتزيد خفة  ...وتطير كبالون انفلت من يد طفلة !
كانت بلا مبالغة مخلوقا بريئا كالملائكة ...لطيفة ...ودودة رحيمة ...تشع فرحا في كل مكان ...طيبتها فاقت الحدود ...وعطاؤها ذائع الصيت ...
كانت تستمد القوة من الحب ....والحب في حياتها هلاميا ...صعب الامساك به ....او ..كان بطاقية اخفاء ...لاتراه...بل تتحسسه ...
كان كل شيء على مايرام راضية بذلك الحب الهلامي مادامت تستمد منه وقودها لكي تعيش ..
لكن مامن شيء يبقى خالدا ...وذلك المخلوق الهلامي تسرب من بين يديها ليسقط في التراب ويفقد وهجه وشيئا فشيئا اصبح لاشيء !
وهاجت عاصفة في ارجاء حياتها ...تطايرت اوراق النوت الموسيقية ...حاولت تلملم روحها ..دون فائدة ...تشبثت بالارض ...بشدة ...وبقت جسد منذلك اليوم ....جسد بلا روح ...تشعر مايدور حولها لكنها غائبة عن الوعي ...تسمع مايقولونه لكنها لاتستطيع ان تحرك شفاهها ..تسمع تحسراتهم ودعاءهم ...لكنها كالجثة الهامدة ...ممددة على سرير غريب ...

كانت عينها الغائبة مبصرة تبحث عن صديق يفهم اشارة تنفسها ...رعشة اصابعها ..لكن اكتشفت بعد طول هذه السنين ...لم يكن هناك من يفهمها .....اكتشتفت انها انشغلت بالعطاء حتى تناسى من حولها ان يعطيها !

اسمعوني ...انا اصرخ ...الا تسمعوني ؟!! انا احاول جاهدة ان اقول حرفا ..لكن كل مابي اعلن عقوقه ...لسانني عضلاتي عيوني حواسي ..كلهم ...

انظري لرعشة اصابع يدي ...ايتها الانسة الغريبة ....انظري لي ...انا حية ...آه ....انني اختنق بصوتي المكتوم ...!!ومامن مجيب !
الاصوات ذاتها ...تزيد وتنقص ...يتبادلون الاحاديث ...حولي ...شيئا فشيئا ...تتغير احاديثهم واصبحوا يتحدثون باشياء تافهة تعلو ضحكاتهم ...فالحي ابقى  من الميت ...لكن مهلا !!!!لازلت حية ....
آه ....آآآآآآآآه ...أليس هناك من صديق ...اين ذلك المخلوق الهلامي ...كم احتاجك ...لتصرخ بوجوههم وتأمرهم بالصمت ...ليسمعوا ترددات صوتي الغير مسموعة !
ليروا دمعة  فرطت من حواس عيني وتسربت على خدي ...ليروا اصبعي الصغير يقف بعجز شيخ واهن ثم يهوى ...التفتوا ...اشعروا بي ...كما كنت افعل ...
آه ....ياله من شعور ذلة ومهانة هذا الذي يحتاج !! واحتياج عزيز القوم اشد ذلا ..ومهانة ...

و...
مسكينة ظلت على تلك الحال ..وغصة عدم وجود مخلوق واحد في هذه الدنيا يفهمها ..هي الغصة القاتلة !

للقصة بقية !!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق